مجتمعوطنيات

الدكتورة بورجا مريم تكتب.. نحو عدالة مجالية وتنمية ترابية في ظل توجيهات جلالة الملك محمد السادس

• قراءة من خلال خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره : للدكتورة بورجا مريم

في خطاب العرش الأخير قال جلالة الملك محمد السادس :” إن الوقت قد حان للإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية :”

هذه العبارة الجامعة ، تكشف الغاية من الإصلاح الكبير الجاري حاليا، وما تحقق من أوراش كبرى سواء تلك المنجزة أو التي لم تكتمل بعد أو حتى المشاريع قيد التنفيد. وكما أشار صاحب الجلالة أنه من الضروري أن تراعي هذه المشاريع الفوارق الاجتماعية القائمة، و أن يكون تقليص هذه الفوارق إختيارا ملكيا ووطنيا من أجل نهضة شاملة يستفيد منها كل أبناء هذا الوطن بمختلف مناطقهم وإتجاهاتهم، سواء في أعالي الجبال أو سفوح المدن .

إن مغرب الألفية الجديدة يعد رمزا للتطور والإقلاع نحو التصنيع والريادة على المستويين الوطني والقاري، حيث أصبح المغرب مثالا يحتدى به. وفي هذا السياق، بات لزاما على الفاعلين الترابيين باختلاف مواقعهم ومناصبهم ومشاربهم السياسية والاجتماعية أن يبادروا بالاستعداد والعمل لما هو قادم، وأن يشارك كل واحد منهم في تحقيق التنمية المجالية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وبالخصوص في مدينتي أولاد تايمة (هوارة)، التي تعد جزءا من إقليم تارودانت، أحد أكبر أقاليم المملكة من حيث المساحة، وأكثرها هشاشة على عدة مستويات، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو البنيوية ،اذ يحتاج هذا الاقاليم لعناية وتركيز خاصين من اجل تقليص الفوارق المجالية داخله.

و أرى ان تحقيق العدالة المجالية في توزيع المشاريع وتخصيصها بشكل متساو بين الجماعات الترابية والبلديات يمثل السبيل الامثل لتحقيق التنمية الترابية داخل هذا الإقليم بحيث ينعم الجميع بفرص متكافئة، فتردم الفجوات وتقل الفوارق التي تولد ظواهر سلبية نحن في غنى عنها مستقبلا ، في مغرب الأوراش الكبرى .

ولا يفوتني التنويه بما تم تحقيقه في ظل هذه الحكومة الحالية، ” فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله”. ومع ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل تعثر الكثير من المشاريع، والذي يعود في الغالب الى عراقيل بيروقراطية وصعوبات تتعلق بتفعيل مضامين الدراسات ومردوديتها، وغالبا ما نغفل عن العنصر الأهم وهو العنصر البشري و خصوصا الشباب الذي يشكل نصف الحاضر والمستقبل كله .فجميع العوائق تصبح غير ذات معنى أمام خدمة المواطن، مع الحاجة الضرورية

لمواكبة التطورات المتسارعة من أجل الاسراع بتنفيذ الأوراش المعلقة، سواء كانت العقبات ادارية أو تمويلية، وعند استحضار الأمانة التي نحملها كفاعلين ترابيين ومنتخبين والثقة التي وضعت فينا من طرف المواطنين الذين منحونا أصواتهم، نجد أن الحزم والاجتهاد والمواكبة الفعلية والتنزيل السريع للمشاريع هو أفضل رد لهذا المواطن، الذي يرى في صوته طوق نجاة نحو تحقيق التنمية وأحلامه خاصة في القرى والمداشر النائية التي تتطلع لفك العزلة عنها، وبناء مغرب جديد قائم على التنمية والاندماج والتقدم. مغرب تتقارب فيه الطبقات وتتكامل المجالات الترابية و يدعم بعضها بعضا.

إن رؤية جلالة الملك للتنمية المجالية تركز على كونها تنمية شاملة لجميع المواطنين دون استثناء سوف تجني كل المناطق المغرب ثمارها.وهنا استحضر أيضا مقتبس من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في افتتاح الدورة البرلمانية بتاريخ 12 اكتوبر 2018 حيث قال: “هناك مغرب نافع يستفيد من ثمار النمو و الانفتاح والتقدم، واخر يعيش التخلف والفقر والحرمان … فالمغرب يسير في خطين متوازيين: مغرب التقدم والازدهار ويستفيد من ثمار النمو والانفتاح، ومغرب اخر ينتظر ظروفا افضل للحاق بركب التقدم”.

حرس جلالة الملك في جميع المناسبات على تأكيد على أهمية توزيع العادل لثروات والمنفعة العامة لتنمية شاملة تشمل كل طبقات المجتمع المغربي والغاية تقليص الفوارق الاجتماعية الماثلة أمامنا.

ولم يكتف جلالة الملك بذلك في خطابه، بل وجه الحكومة إلى تبني جيل جديد من برامج التنمية، يجسد مفهوم الجهوية الموسعة ذات البعد التنموي المتقدم، بما يضمن التكافل والتضامن بين مختلف الجهات، كرافد أساسي لتحقيق التقدم والعدالة المجالية. إضافة إلى ذلك، لم يغفل جلالته الفاعلين بمختلف مراتبهم ومناصبهم بل دعاهم جميعا لتوحيد الجهود وتوفير المناخات المناسبة للإستثمار المحلي والاهتمام بالخدمات الإجتماعية، لاسيما مجالات التعليم والصحة، كخطوة ضرورية لبلوغ العدالة المجالية .والهدف الاسمى لصون كرامة المواطن، والمحافظة على ما تحقق من مكتسبات، و تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة مع ضرورة تدبير الموارد المائية بشكل جيد، مع إطلاق مشاريع متكاملة للتأهيل الترابي، حتى تنسجم مع المشاريع الوطنية الكبرى التي تشهدها البلاد، حيث قال جلالته في هذا الصدد :” إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج، في انسجام مع المشاريع الوطنية الكبرى، التي تعرفها البلاد”.

وفي الختام، تبقى الأمنية الكبرى هي تحقيق هذه التنمية المجالية الحقيقية لفك العزلة عن القرى و البوادي، وضمان كرامة المواطن وحماية إنسانيته وصولا إلى مغرب إجتماعي يرسخ التنمية ويقلص الفوارق بين أبنائه.

بقلم: بورجا مريم

خبيرة في اعداد المجال والتنمية الترابية

فاعلة جمعوية

مكونة في التربية الوالدية الايجابية وتعزيز مهارات الحياة الاسرية عند النساء

مكونة في مجال تقنيات التنشيط والتواصل والإدماج المهني

منشطة في مجال التنشيط في مجال الادارة الجمعوبة

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button