Uncategorized

الحكومة في مواجهة الكاميرا: ثلاث مقابلات… وصفر إقناع


تحليل سياسي: بقلم مولاي محمد بن عيسى بوزرود

في محاولة واضحة لاحتواء موجة الغضب الشعبي التي تجتاح الشارع المغربي منذ أسابيع، دفعت الحكومة أمس بثلاثة من وزرائها إلى القنوات التلفزيونية الوطنية والدولية، في ما يشبه حملة تواصل طارئة هدفها “تبريد الأجواء” واستعادة الثقة.
لكن النتيجة، بحسب كثير من المتابعين، كانت عكسية تمامًا: فقد فقد الوزراء أعصابهم بدل أن يربحوا عقول الناس، وبدت الحكومة وكأنها تخسر معركة التواصل في عزّ الأزمة.

الراشيدي… الوزير الذي حاول الإقناع ولم يقتنع

في قناة “دوزيم”، حاول وزير الاتصال عبد الجبار الراشيدي الدفاع عن أداء الحكومة في مواجهة تصاعد الغضب الشعبي، لكنه بدا مرتبكًا، يكرر العبارات نفسها دون أن يقدم أجوبة ملموسة.
مداخلته، التي كان يُفترض أن تشرح، انتهت إلى مزيد من الغموض، حتى أن كثيرين اعتبروا أنه لم يقنع حتى نفسه، فكيف بالآخرين؟

بايتاس… ناطق رسمي يفقد البوصلة

أما مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، فكان نجم سهرة قناة “ميدي 1 تيفي”، لكن بطريقة مختلفة.
فبدل أن يجيب عن أسئلة الصحفي نوفل العواملة – وهي نفسها الأسئلة التي تدور في أذهان المغاربة – اختار أن يهاجم مضيفه، متهمًا إياه بـأنه “ناطق باسم حركة جيل Z”.
ردّ انفعالي كشف حجم التوتر داخل الفريق الحكومي، وأعطى انطباعًا بأن الحكومة تتعامل مع الأسئلة كخصوم، لا كفرصة للتوضيح.

وهبي… الدستور لا يسقط الحكومات

على الضفة الأخرى، ظهر وزير العدل عبد اللطيف وهبي في قناتي “العربية” و”سكاي نيوز عربية”، حيث حاول أن يقدم نفسه كـ“بطل دستوري”.
قال بالحرف: “المظاهرات لا تسقط الحكومة، وحده الدستور يفعل”.
رسالة فهمها الشارع المغربي بوضوح: “تظاهروا كما تشاؤون، فالقانون لا يعبأ بكم”.
النتيجة كانت زيادة الغضب الشعبي، وتحول الدستور نفسه في أذهان البعض إلى “شاهد على الأزمة لا حَكم فيها”.

سناء رحيمي تكشف المسكوت عنه

لكن الصدمة الكبرى جاءت من داخل بلاط الإعلام العمومي نفسه.
المذيعة سناء رحيمي، في مقدمة نشرة “دوزيم”، فجّرت مفاجأة حين قالت إنها اتصلت بعدد من الوزراء لاستضافتهم، فأغلقوا هواتفهم في وجهها.
هكذا إذن تختزل الحكومة معركتها الإعلامية في زرّ الرفض، في وقت يفترض أن تكون الكلمة والحوار هما الجسر نحو المواطن.

أزمة تواصل في زمن الأزمات

في أخطر أزمة اجتماعية وسياسية يشهدها المغرب في هذا القرن، اختارت الحكومة الصمت، أو بالأحرى “الكلام بلا مضمون”.
فبين وزراء يختبئون وراء هواتفهم المغلقة، وآخرين يتحدثون بلا أجوبة، يتكرس الانطباع بأن الدولة تخسر معركة التواصل قبل أي معركة أخرى.

رغم كل هذه الاخفاقات لأعضاء حكومة أخنوش، وزير واحد فقط هو الذي استطاع أن يمتص غضب الشباب و تحاور معهم مباشرة بكل تقة و مسؤولية من خلال البرنامج الحواري الذي بتثه القناة الثانية مساء أمس الأحد و عبر فيه كل طرف عن رأيه و موقفه بكل صراحة و مصداقية و بدون لغة الخشب و لا مصطلحات سياساوية تقليدية.

الدرس واضح:
حين ينهار الجدار بين الإعلام والسلطة، لا يجد الناس أمامهم سوى الشارع… أو مواقع التواصل الاجتماعي.
وهنا بالضبط، تبدأ المسافة الخطيرة بين الحكومة والمجتمع في الاتساع، وربما تتحول إلى هوة يصعب ردمها.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button