Uncategorized

آل أشنكلي.. من رمال الصحراء إلى مجد سوس: قصة عصامية بامتياز

من بين العائلات السوسية التي خطّت لنفسها مسارًا فريدًا في عالم الاقتصاد والسياسة والاجتماع، تبرز عائلة أشنكلي كأنموذج للتجربة العصامية المغربية التي انطلقت من الصفر، واستطاعت عبر الأجيال أن تحافظ على إرث المؤسس وتطوره.

البداية كانت مع الحسين بن امحند بن الحسين أشنكلي، المنحدر من قبيلة آيت النص بآيت باعمران، وجده من منطقة “اشناكلة” بالصحراء المغربية. وُلد سنة 1923، وعاش طفولة صعبة عقب انفصال والديه، قبل أن تتكفل جدته بتربيته، لتكون أول من طبع شخصيته بالمسؤولية والكدّ.

بعد مراحل تنقل متعددة، من آيت باعمران إلى الصويرة ثم أكادير، انفتح الحسين أشنكلي على مهنة ميكانيك السيارات، التي كانت آنذاك حكراً على الأوروبيين في عهد الاستعمار. وبفضل صديق فرنسي وذكائه العملي، تمكن من دخول شركة “ساطاس”، حيث بدأ مشواره المهني المتدرج إلى أن أصبح من أمهر الميكانيكيين، يُعتمد عليه من طرف أجانب ومغاربة على حد سواء.

لم يكتف أشنكلي بالنجاح المهني، بل أسس لنفسه مسارًا سياسيًا، إذ انتُخب نائبًا برلمانيًا ومستشارًا بمجلس المستشارين، وترأس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لأزيد من 20 عامًا. كان من أوائل المطالبين بإنشاء جامعة ابن زهر، ودافع عن مشروع الطريق السيار مراكش-أكادير، مدركًا حجم العزلة التي كانت تعانيها المنطقة.

وفي سنة 2004، أسس معهدًا للتكوين المهني باسم جدته “فاضمة البوهالي”، فوق أرض والدته، إضافة إلى مركز لدعم الشباب في خلق المقاولات، في تجسيد عملي لمبدأ “لا تعطني سمكة، بل علّمني كيف أصطاد”.

هذا الإرث الكبير لم يضِع، بل تسلّمه ابنه كريم أشنكلي، الذي ورث عشق السيارات والسياسة، وأصبح من كبار موزعي السيارات الرفيعة في سوس. كما سار على خطى والده، فرأس غرفة التجارة والصناعة والخدمات، ثم انتقل مؤخرًا إلى رئاسة جهة سوس ماسة، في تجربة تدبيرية جديدة برهانات كبرى في ظل الجهوية المتقدمة.

دموع كريم يوم مغادرته الغرفة التي اعتبرها “محراب والده”، كانت دليلاً على عمق العلاقة التي تربطه بتلك الجدران التي شهدت تضحيات الأب وتاريخه.

ولم تغب عن العائلة روح الرياضة، إذ كان الحسين من مؤسسي ومشجعي حسنية أكادير، وهو نفس النهج الذي يتبعه ابنه كريم، الذي ورث حب الفريق والغيرة عليه، معتبرًا أن الحسنية ليست مجرد نادٍ بل هوية سوسية مغربية أصيلة.

عائلة أشنكلي، من رمال الصحراء إلى قمة المسؤولية في سوس، قصة تختزل الكثير من القيم: العصامية، الوطنية، التضحية، والاجتهاد، وهي شهادة حية على أن المجد يُبنى بإيمان، ويستمر حين يجد من يصونه ويطوره.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button