فضيحة دعم الجمعيات: “الريع المغلف” يجر لجان تفتيش إلى جماعات ترابية في 6 جهات

الرباط – مراسلنا
بدأت وزارة الداخلية تحركات غير مسبوقة في إطار محاربة الفساد المالي داخل الجماعات الترابية، حيث أعطت المفتشية العامة للإدارة الترابية الضوء الأخضر لإيفاد لجان تفتيش مركزية إلى عدد من الجماعات المحلية، خصوصًا في جهة فاس-مكناس، بعد توصل الوزارة بتقارير صادمة كشفت تورط جمعيات “مدنية” في نهب الدعم العمومي وتحويله إلى أدوات انتخابية.
دعم بالمليارات.. و”أنشطة” على الورق فقط!
بحسب المعطيات الأولية، فقد تم تحويل ملايين الدراهم إلى جمعيات “وهمية” أو موالية لمنتخبين، دون مراقبة أو تتبع حقيقي لمصير تلك الأموال. الغريب أن عددًا من المشاريع التي تم الإعلان عنها — كـورشات لفائدة النساء القرويات أو مشاريع تجهيز جماعية — لم تُنفذ على أرض الواقع، رغم التصريحات الإدارية التي تفيد بتسليم الميزانيات كاملة.
توظيفات مشبوهة وفواتير مزورة
تقارير المفتشية العامة كشفت أيضًا عن توظيف أفراد من عائلات منتخبين ومسؤولين داخل هذه الجمعيات، برواتب مرتفعة جدًا، في ظل غياب أي معايير موضوعية أو مراقبة لطرق التوظيف.
أما الأخطر، فيكمن في استعمال فواتير مزورة ومقاولات وهمية لتبرير نفقات غير موجودة ميدانيًا، مما يشير إلى احتمال وجود شبكات منظمة لتبييض الأموال داخل الغلاف “المدني”.
نشاط مدني أم حملة انتخابية مبطّنة؟
مصادر محلية أكدت أن بعض الجمعيات استعملت تمويلاتها لتنظيم أنشطة ظاهرها اجتماعي وباطنها انتخابي، خصوصًا قبيل الاستحقاقات الجماعية الماضية، في انتهاك صارخ للقوانين المنظمة للدعم العمومي.
وبينما تستمر التحقيقات، تعلو أصوات من فعاليات المجتمع المدني تطالب بـ”فتح ملفات الدعم” في باقي الجهات، وعلى رأسها جهة سوس-ماسة، التي تعرف بدورها شُبهات تتعلق بـ”توظيف المال العام في الولاءات السياسية”.
هل تكون البداية الحقيقية للمحاسبة؟
تأتي هذه الحملة بعد سنوات من المطالبة بإخضاع دعم الجمعيات لآليات الشفافية والمساءلة، خصوصًا أن ميزانيات ضخمة تُضخ سنويًا دون أثر ملموس على التنمية المحلية.
ووفقًا لمصدر من وزارة الداخلية، فإن المرحلة المقبلة ستعرف توسيع دائرة التفتيش لتشمل جهات الجنوب والشرق، إضافة إلى الاستماع إلى منتخبين ومسؤولين إداريين يحتمل تورطهم في “تسهيل الريع الجمعوي”.
✍️ خاتمة:
بين “الجمعية” و”الحملة الانتخابية” خيط رفيع، يبدو أنه تم قطعه عمدًا في عدة جماعات، لتحويل المال العام إلى وسيلة للبقاء في الكراسي. فهل تكون هذه التحقيقات بداية لتطهير حقل الجمعيات من عبث الريع والتوظيف السياسي؟