الرباط – الجمعة 8 غشت 2025
فُجع المغرب صباح اليوم، الجمعة 8 غشت 2025، بوفاة الشيخ جمال القادري البودشيشي، شيخ الزاوية القادرية البودشيشية، وذلك بعد صراع طويل مع المرض. وقد أسلم الروح إلى بارئها داخل المستشفى العسكري بالرباط، عن عمر يناهز 83 عامًا.
الشيخ جمال، رحمه الله، يُعد أحد أبرز الوجوه الروحية في المملكة المغربية، ومرجعًا صوفيًا وطنيًا ودوليًا ترك بصمة عميقة في العمل الروحي والدعوي، وساهم في ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال ونشر التصوف السني التربوي داخل المغرب وخارجه.
وقد تولى قيادة الطريقة القادرية البودشيشية بعد وفاة والده الشيخ حمزة القادري البودشيشي سنة 2017، حيث واصل نهج الزاوية في التزكية والتربية الروحية، مع التركيز على مواكبة العصر وتوسيع الحضور العالمي للطريقة، خاصة عبر الفروع المنتشرة في أوروبا، إفريقيا، والولايات المتحدة.
ويُشهد للشيخ جمال رحمه الله بدماثة أخلاقه، وحكمته، وتواضعه، وانفتاحه على الشباب والمثقفين، حيث سعى إلى تقديم الخطاب الروحي الإسلامي في قالب معاصر، يدعو إلى السلام الداخلي والتعايش بين الأديان والثقافات، بعيدًا عن الغلو والتطرف.
وقد برز اسمه أيضًا في مجالات الحوار الديني والثقافي، حيث شارك في مؤتمرات دولية عديدة، مثّل فيها المغرب أحسن تمثيل، مدافعًا عن الهوية المغربية الروحية المتجذرة في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي.
تستقطب الزاوية البودشيشية، التي كان شيخها، عشرات الآلاف من المريدين من مختلف أنحاء العالم، خاصة في مناسبة الملتقى العالمي للتصوف الذي يُنظَّم سنويًا بمداغ، إقليم بركان، والذي يُعد من أبرز الملتقيات الروحية في العالم الإسلامي.
تشييع الجثمان
من المنتظر أن يُوارى جثمان الفقيد الثرى بمقر الزاوية بمداغ، وسط حضور وطني ودولي كبير، من مريديه ومحبيه، ووفود تمثل طرقًا صوفية ودولًا شقيقة، وشخصيات من مختلف المشارب، ليودعوه إلى مثواه الأخير.
رحيل رجل جمع بين العلم والتقوى
رحيل الشيخ جمال القادري البودشيشي لا يُمثل فقط فقدان شخصية روحية مرموقة، بل يترك فراغًا في الساحة الدعوية والتربوية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الخطاب الروحي المعتدل كصمام أمان ضد التطرف والانغلاق.
إنا لله وإنا إليه راجعون
نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يُلهم أسرته ومريديه الصبر والسلوان.
