عناية الملك محمد الثالث رحمه الله بالسنة النبوية الشريفة

دون السلطان سيدي محمد بن عبد الله عدة مجموعات في الفقه والحديث، لا تزال إلى اليوم منتشرة في المغرب وفي غيره من البلدان العربية والإسلامية والإفريقية، وقد كتب العلماء تقاريظ كثيرة لهذه الكتب الآتية أسماؤها :
1 – “مواهب المنان بما يتأكد على المسلمين تعليمه للصبيان
2 – «طبق الارطاب فيما اقتطفناه من مساند الأيمة وكتب مشاهير المالكية والإمام الحطاب – ذكر في بدايته أنه كان قد ألف كتابه (بغية ذوي البصائر والألباب في الدرر المنتخبة من تأليف الحطاب).
3 – الجامع الصحيح الأسانيد المستخرج من ستة مسانيد
وهو كتاب استخرجه من الصحيحين والموطأ ومساند أحمد والشافعي وأبي حنيفة ورتبه على أبواب الفقه من عبادات ومعاملات، وذيله ببابين أولهما في المواعظ والرقائق، والآخر في فضل الذكر، وختمه بفصلين أحدهما في شرح قوله في طالعة كتبه الحنبلي اعتقادا، وثانيها في الأيمة الأربعة، وقد قرظه من علماء مضر الأمير والحريري وتقريظهما بخطهما يوجد على ظهر نسخة منه بالخزانة الزيدانية، وفي خزانة القرويين منه نسخة في جزءين آخرهما الحج والعمرة.
4 – الفتوحات الإلاهية الصغرى :
تشتمل كما ذكر في أولها على ثلاثمائة حديث وزيادة، وكان مراده أولا جمع أربعين حديثا، وقد خرج فيها أحاديث من الصحيحين واصحيحين والموطأ وسند الإمام أحمد. ولم يكن قد ظفر بسندي أبي حنيفة والشافعي، وصدره بمقدمة في حديث إنما الأعمال وقعه كتبا على : الإيمان ثم العلم والطهارة والصلاة والآذان وفرض الصلاة والجمعة والزكاة والصيام والحج والعمرة والجهاد والأدعية والأذكار، وفي كل كتاب تراجم، وختمه بذكر آل البيت ومن استشهد منهم : عبيدة بن الحرث وحمزة وجعفر ومناقب علي وفضائل خديجة وبناتها (زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ) وإبراهيم والحسن والحسين والعباس ثم مناقب الخلفاء الأربعة، ثم مناقب الزبير وبقية العشرة.
5 – الفتوحات الإلاهية الكبرى :
وهي أشهر مؤلفاته فرغ منها في جمادى الآخرة سنة 1189 وتولى بعضهم شرحها، وممن أقرأها بالمغرب الشيخ التاودي بن سودة (1209) والشيخ محمد بن أبي القاسم السجلماسي (1214)، وممن شرحها السند محمد بن عبد القادر الصبيحي – النافعي الزغلولي المعروف بابن قدور دفين زرهون (1231)، وكان شرحه للفتوحات في عهد مؤلفها.
أما في المشرق فقد حبس مؤلفه على إقرائه وتدريسه أحباسا في المدينة المنورة والإسكندرية فجعل، سنة 1201 – لمن يقرأ الفتوحات والجامع الصحيح الأسانيد من أهل المذاهب بالمدينة مائة دينار في كل ختمة يأخذ الفقيه مائتي دينار كل ثلاثة أشهر عن ختميتهما، وحبس على من يقرأ كتاب (الفتوحات ) ويدرسه في الاسكندرية أوقافا، وقد استمرت المادة على ذلك إلى عهد السلطان مولاي عبد الرحمن.
وكان للسلطان سيدي محمد بن عبد الله فضل كبير في نشاط حركة التأليف في عصره، فقد كلف ثلاثة من العلماء بشرح مشارق الصغاني هم الشيخ التاودي والسيد عبد القادر بوخريص، والمولى إدريس العراقي الحافظ، إلا أنه مات ولم يتمه، فأمر ولده المولى عبد الله بإكماله، وكلف السيد التهامي بن عمرو بشرح الأربعين النووية، وأمر كاتبه الغزال بتدوين رحلته للأندلس فكتب (نتيجة الاجتهاد) كما أمر كاتبه ابن عثمان بكتابة رحلته الحجازية فجمعها في (احراز المعلى والرقيب ) وكلف غير هؤلاء من العلماء بكتابة مسائل علمية أخرى.
ونقل إلى مراكش علماء من فاس منهم المولى عبد الله المنجرة والسيد محمد بن الشاهد، ومن مكناس السيد أحمد بن عثمان ومن تادلة السيد محمد بن عبد الرحمن الشريف، ومن سلا الطاهر بن عبد السلام، وهؤلاء وزعهم على مساجد مراكش، فكانوا يدرسون بها ويحضرون معه في مجالسه الحديثة التي كانت أساسا للمجالس الحديثية عند ملوك الدولة العلوية الشريفة، فقد اقتفى أثره في مجالسه العلماء ومباحثهم ولده السلطان المولى سليمان وابن أخيه وولي مهده السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله حيث أصبحت المجالس الحديثية سنة مرعية إلى عهد جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله.
المصدر موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية