الصراعات تعصف بالزاوية القادرية البودشيشية… مستقبل المشيخة على المحك

إرث روحي يتحول إلى جدل علني
تُعد الزاوية القادرية البودشيشية من أبرز الزوايا الصوفية في المغرب، إذ تحولت منذ عقود إلى مركز روحي يستقطب آلاف المريدين داخل البلاد وخارجها، خاصة بعد بروز الشيخ حمزة القادري البودشيشي الذي ارتبط اسمه بالتربية الروحية والذكر الجماعي، قبل أن يخلفه نجله الشيخ جمال، ثم بروز اسم الشيخ منير في الفترة الأخيرة.
لكن هذا الانتقال لم يخلُ من توترات، حيث ظهرت أصوات من داخل الزاوية وخارجها تشكك في شرعية الخلافة، وتنتقد طريقة تدبير شؤون المشيخة.
انقسامات داخلية وتدخلات خارجية
مصادر متطابقة أشارت إلى أن الخلافات لا تقتصر على مسألة الخلافة الروحية، بل تمتد إلى البنية التنظيمية والمالية للزاوية، في ظل اتهامات بتركيز النفوذ في يد مجموعة محدودة من المقربين.
وتحدثت تقارير إعلامية عن دور غير مباشر للدولة، ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي يُقال إنها حاولت في مرحلة ما ضبط مسار الخلافة حفاظًا على استقرار إحدى أكبر الزوايا في المغرب، قبل أن تتراجع عن أي تدخل مباشر مخافة زعزعة صورة التصوف داخل المجتمع.
أبعاد سياسية واقتصادية
لم يعد النقاش محصورًا في الجانب الروحي، بل اتسع ليشمل البُعد السياسي والاقتصادي، خصوصًا مع الحديث عن ارتباطات للزاوية بشبكات مصالح مالية وإدارية داخل المغرب وخارجه، وظهور أسماء فاعلة في تسيير الشؤون المالية، بعضها مقيم في أوروبا.
هذا الوضع فتح الباب أمام قراءات تعتبر أن الزاوية لم تعد فقط فضاء للتربية الروحية، بل أضحت كذلك مؤسسة ذات ثقل اجتماعي واقتصادي.
ارتباك المريدين وأسئلة المستقبل
الخلافات المتتالية تركت أثرًا واضحًا على المريدين الذين وجدوا أنفسهم في قلب صراعات لا تعكس روحانية التصوف. ويعبر بعضهم عن قلق من أن تتحول الزاوية من مدرسة روحية إلى ساحة نزاع على النفوذ.
الحاجة إلى مصالحة داخلية
أمام هذه التطورات، يرى متتبعون أن مستقبل الزاوية القادرية البودشيشية يتوقف على قدرة القائمين عليها على تجاوز الانقسامات الداخلية، واستعادة بعدها الروحي الأصلي المبني على التربية الصوفية، بعيدًا عن الحسابات السياسية والمصلحية.
كما أن الملف يطرح تساؤلات أوسع حول دور الزوايا في المغرب اليوم: هل تظل مجرد فضاءات روحية خالصة، أم تتحول إلى فاعل اجتماعي وسياسي واقتصادي له امتداداته داخل الدولة والمجتمع؟