إمليل.. بوابة توبقال وعاصمة السياحة الجبلية في المغرب

إمليل (إقليم الحوز) – وسط جبال الأطلس الكبير الشامخة، تبرز جماعة إمليل القروية، التابعة لإقليم الحوز، كإحدى أيقونات السياحة الجبلية في المغرب، إذ تستقطب سنويًا أعدادًا متزايدة من الزوار المغاربة والأجانب الباحثين عن الأصالة، والمناظر الطبيعية الآسرة، والتجارب الإنسانية الفريدة.
بفضل وديانها الخضراء ومساراتها المتعرجة المؤدية إلى جبل توبقال، أعلى قمة في شمال إفريقيا، ومناخها المعتدل حتى في فصل الصيف، تحولت إمليل من مجرد محطة في طريق المتسلقين إلى مركز سياحي متكامل يوفر الإيواء، والمطاعم، والصناعة التقليدية، وخدمات المشي وتسلق الجبال، مما يجعل السياحة مصدر رزق رئيسي لجزء كبير من سكانها.
صناعة سياحية محلية متكاملة
في قلب هذه الدينامية، يلعب مؤجرو معدات المشي والتسلق دورًا محوريًا. يقول حميد عزيزي، صاحب متجر متخصص في معدات الرحلات الجبلية، إن الموسم الصيفي يجذب العديد من المتنزهين من مختلف أنحاء أوروبا، إلى جانب إقبال متزايد من المغاربة، مشيرًا إلى أن الأجانب غالبًا ما يخططون لإقامات طويلة ببرامج دقيقة، فيما يفضل المغاربة إقامات أقصر ولكن مليئة بالحيوية.
ويضيف عزيزي: “نشاطنا لا يقتصر على تأجير المعدات فقط، بل يشمل تقديم نصائح حول السلامة، واختيار المسارات، ومتابعة أحوال الطقس. فتسلق توبقال، خاصة ليلاً، يتطلب تجهيزًا جيدًا بسبب الانخفاض الكبير في درجات الحرارة”.
المرشدون.. ضمانة التجربة الآمنة
يشكل المرشدون المحليون ركيزة أساسية في نجاح تجربة الزوار. يقول محمد العلالي، مرشد جبلي منذ سنوات، إن طبيعة الزوار تغيرت: “في البداية كان معظمهم من المحترفين، أما اليوم فنستقبل عائلات، ومجموعات مدرسية، وحتى متقاعدين. التحدي يكمن في تكييف المسارات مع قدرات كل زائر، مع ضمان تجربة غنية باللقاءات الإنسانية”.
ويؤكد العلالي أن “السياح يأتون من أجل الجبال، لكنهم يعودون بذكريات عن دفء استقبال السكان، وأكواب الشاي بالنعناع، والوجبات التي نتقاسمها معهم، وهذا ما يدفعهم للعودة مرارًا”.
الضيافة الجبلية
أماكن الإيواء، من بيوت الضيافة إلى النزل الجبلية، تعزز هذه التجربة. حسن نسيم، مسير نزل في إمليل، يقول إن مؤسسته تستقبل المغامرين الراغبين في تسلق توبقال وكذلك الباحثين عن إقامة هادئة، ويضيف: “نوفر غرفًا بسيطة ومراقد للمجموعات، ووجبات محلية. أغلب العاملين لدينا من أبناء المنطقة، لضمان استفادة المجتمع المحلي من العائدات”.
النزل الذي يديره نسيم غالبًا ما يكون ممتلئًا في مواسم الذروة، ويشكل نقطة انطلاق نحو مواقع شهيرة مثل سيدي شمهروش والهضاب العالية المطلة على مناظر بانورامية خلابة.
توازن بين التنمية والأصالة
تعترف السلطات المحلية بالأهمية الإستراتيجية للسياحة في إمليل، فعملت على تعزيز الأمن والراحة عبر إقامة نقاط مراقبة على الطرق المؤدية إلى توبقال، وفرض مرافقة مرشد معتمد لكل رحلة تسلق.
وتظهر المردودية الاقتصادية لهذه السياحة في توفير فرص عمل للشباب كمرشدين، وطهاة، وحمالين، وحرفيين، وتجار. ورغم هذا التطور، ظلت إمليل متمسكة بجوهرها الأصيل، مقدمة لزوارها تجربة غنية توازن بين التنمية الحديثة والحفاظ على التقاليد الجبلية العريقة.


