كتاب الرأيمجتمعوطنيات

أسرة العدوي.. من ينابيع العلم السوسي إلى مناصب الريادة في الدولة

من قلب قرية “تانفزاط” بضواحي تارودانت، برز اسم العلامة أحمد بن عبد الله العدوي، واحد من رجال العلم السوسي الذين نهلوا من معين المعرفة، وتتلمذوا على يد كبار العلماء، وعلى رأسهم العلامة المختار السوسي.

ولد أحمد العدوي سنة 1926 في أسرة علم وورع، وانتقل منذ صغره بين المدارس العتيقة، مبرزًا نبوغًا استثنائيًا، حفظ المتون النحوية والحسابية في سن مبكرة، قبل أن يلتحق بزاوية الرميلة بمراكش، حيث ربطته علاقة وثيقة بالمختار السوسي، الذي أشاد به في المعسول واصفًا إياه بأنه “المشار إليه بجميع الأصابع فهما وتحصيلا وشمما”.

بعد نفي أستاذه، أسس العدوي رفقة رفاقه “جمعية علماء سوس”، ثم تولى مناصب تعليمية وإدارية، منها إدارة المعهد الإسلامي بالجديدة، ثم العمل في قسم المخطوطات بالخزانة العامة بالرباط، حيث واصل عطاءه في مجال الوعظ والتأطير الديني، إلى أن وافته المنية، تاركًا أثرًا عميقًا في محيطه العلمي والديني.

ومن أبرز خلفه العلمي، زينب العدوي، أول امرأة ترأس المجلس الأعلى للحسابات، ووالي جهات متعددة، وواحدة من أوائل النساء اللواتي ألقين درسًا حسنيًا أمام الملك محمد السادس. درست الاقتصاد وتخصصت في مراقبة المال العام، فجمعت بين العلم، والصرامة، والكفاءة التي أهلتها لثقة الدولة.

أما شقيقها، عبد الرحمان العدوي، فترك بصمته في مجال الإعلام، ورافق الزيارات الملكية كصحفي ضمن القطب العمومي، قبل أن يؤسس مجموعة راديو بلوس، ويقود مسيرة إعلامية امتدت بين المغرب والولايات المتحدة.

هذه الأسرة السوسية، الممتدة بجذورها في العلم، حملت على عاتقها مهمة البناء الفكري، والالتزام الأخلاقي، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، لتجسد نموذجًا نادرًا في الجمع بين التراث الأصيل والمعاصرة الناجحة.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button