مهرجان العسل بأقصري: فعالية بلا طعم ولا عسل… فهل من أمل في أفق التطوير؟

في الوقت الذي كان ينتظر فيه سكان وزوار جماعة “أقصري” أن يكون مهرجان العسل فرصةً لتسليط الضوء على المنتوجات المحلية وتثمين مهنة تربية النحل، جاءت الدورة الأخيرة مخيبة للآمال، حسب شهادات عدد من المشاركين والزوار الذين وجدوا أنفسهم في فعاليةٍ تفتقر لأبسط شروط التنظيم، وتغيب عنها روح المهرجان الحقيقي الذي يحمل اسم “العسل”.
تنظيم عشوائي… يسيء لصورة المنطقة
الزوار الذين شدوا الرحال إلى أقصري أملاً في الاستمتاع بتجربة فريدة، صدموا بواقع مخالف تمامًا للتوقعات. فالفعالية اتسمت باكتظاظ كبير ناتج عن ضعف البنية التحتية وضيق المساحة المخصصة، وهو ما خلق أجواء من الفوضى وغياب الراحة.
كما لوحظ غياب تام لأماكن تقي الزوار من أشعة الشمس، في ظل درجات حرارة مرتفعة، بالإضافة إلى انعدام دورات المياه أو وجودها بشكل غير لائق، وهو ما لا يليق بفعالية تُقام لاستقبال جمهور من مختلف المناطق.
أما المصلون، فقد عبّروا عن استيائهم من اختيار مكانٍ قريب جدًا من منصة الموسيقى لإقامة الصلاة، مما جعل الخشوع والتعبد أمورًا شبه مستحيلة وسط الضجيج، في مشهد اعتبره كثيرون دليلاً على غياب الحس التوازني بين الثقافة والدين في تنظيم المهرجان.
مهرجان بلا هوية… وأين العسل؟
الأكثر إثارة للدهشة أن فعالية تحمل اسم “مهرجان العسل”، لم تقدّم شيئًا يُذكر عن هذا المنتوج الحيوي، باستثناء عدد محدود من العارضين، دون أي لوحات تعريفية أو عروض تعليمية حول تربية النحل أو تنوع العسل المحلي ومميزاته.
وبدلًا من أن يتصدر العسل المشهد، طغت الموسيقى على معظم فقرات المهرجان، دون انسجام مع الهدف المُعلن، ما جعل كثيرين يطرحون السؤال: هل نحن في مهرجان ثقافي تجاري أم مجرد سهرة فنية؟
ضعف المبيعات وغياب وسائل الدعم
عدد من العارضين المشاركين في السوق المحلي عبروا عن استيائهم من ضعف الإقبال التجاري، واصفين دورة هذه السنة بـ”الأضعف على الإطلاق”، نتيجة غياب الزوار المهتمين، وغياب خطة ترويجية واضحة.
ولم تكن وسائل النقل بأفضل حال، إذ عبّر الزوار القادمون من الجماعات المجاورة عن صعوبة في الوصول إلى مكان المهرجان، بسبب عدم توفير وسائل نقل كافية، ما زاد من حجم التذمر.
كما اشتكى البعض من ضعف الاستقبال وسوء المعاملة في بعض اللحظات، إلى جانب غياب مقاعد أو أماكن للراحة، باستثناء فئة قليلة تم تخصيص كراسي لها، مما عمّق الإحساس بعدم المساواة وسوء التدبير.
خارطة طريق نحو التغيير… هل من آذان صاغية؟
في ظل هذا الوضع، يبرز عدد من الخطوات الضرورية لإنقاذ المهرجان في دوراته المقبلة:
- التركيز على مضمون العسل: عبر تنظيم ورشات تعليمية، مسابقات تذوق، عروض لتربية النحل، وإبراز سلالات العسل ومميزاته في المنطقة.
- تحسين الخدمات الأساسية: من دورات مياه نظيفة، أماكن ظل، ومرافق للصلاة تحفظ قدسية العبادة، بالإضافة إلى مقاعد ومناطق راحة.
- ضمان النقل واللوجستيك: توفير وسائل نقل من وإلى المهرجان، وتحسين التوجيه الداخلي.
- إطلاق حملة تسويق قوية: تروّج للمهرجان قبل أشهر من انطلاقه، وتجلب جمهورًا واسعًا.
- تقييم الأداء: وجعل كل دورة مناسبة لرصد الإخفاقات والعمل على تصحيحها، بدل تكرار نفس الأخطاء.
خلاصة: ضرورة الانتقال من الشكل إلى الجوهر
مهرجان العسل بأقصري، في صورته الحالية، يبدو كفعالية ضاعت هويتها بين الارتجال وتغليب الجانب الترفيهي على ما هو اقتصادي وثقافي. ومع أن اسم المهرجان يحمل من الوعود ما يكفي، إلا أن الواقع أثبت أن النية وحدها لا تصنع النجاح.
يبقى الأمل قائمًا في أن تتدارك الجهات المنظمة أخطاء الماضي، وتعيد رسم معالم مهرجان يليق بغنى المنطقة، ويعكس فعلاً كنوزها الطبيعية وعلى رأسها العسل.
✍️ تقرير خاص – أكادير






