من غرفة العمليات إلى حياة جديدة.. مريضة مغربية تتنفس الأمل بعد إنجاز طبي غير مسبوق في إفريقيا

في لحظة تختزل سنوات من المعاناة، أعلنت مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة بالدار البيضاء عن نجاح أول عملية زراعة كلية في إفريقيا بين متبرع ومتلقٍ غير متطابقين في فصيلة الدم (ABO)، لتفتح بذلك باب الأمل أمام مئات المرضى الذين كانوا يرون في التوافق الدموي شرطاً مستحيلاً للنجاة.
المريضة، التي كانت رهينة جلسات تصفية دم أنهكت جسدها، دخلت العملية وهي تحمل مزيجاً من الخوف والرجاء. اليوم، وبعد ستة عشر يوماً من التدخل الجراحي، تستيقظ كل صباح وهي تشعر بأن كليتها الجديدة تعمل بشكل طبيعي، وأن أنابيب الغسيل الكلوي التي رافقتها طويلاً لم تعد جزءاً من حياتها.
رحلة معقدة وراء النجاح
هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تنسيق دقيق بين فرق طبية متعددة التخصصات: التخدير والإنعاش، أمراض الكلى، المسالك البولية، أمراض الدم، البيولوجيا الطبية والمناعية، جراحة الأوعية الدموية، ومركز محمد السادس لتحاقن الدم.
وقد حظي الفريق بدعم علمي من الخبير الفرنسي ليونيل روستينغ، فيما تولى الجراحون المغاربة تنفيذ العملية بالكامل بكفاءة عالية.
البروفيسور عبد البر أوباعز، المدير العام للمستشفى، أكد أن التحضير المسبق للمريضة كان المرحلة الأكثر تعقيداً، إذ استلزم تعاوناً وثيقاً بين عدة تخصصات، مبرزاً أن العملية تُعد سابقة طبية وطنياً وقارياً.
أمل يتجاوز حالة واحدة
الدكتور رمضاني بنيونس أوضح أن حوالي ربع المرضى المرشحين لزراعة الكلى يواجهون مشكلة عدم تطابق فصيلة الدم، ما يجعل هذا النوع من التدخلات الطبية ثورة حقيقية في مسارهم العلاجي.
وأضاف أن المريضة استفادت من شهر كامل من التحضير، تلاه مراقبة دقيقة خلال الفترة الحرجة بعد العملية، وأن النتائج الحالية تبشر بعمر طويل للكلية المزروعة.
رسالة أمل من المغرب إلى إفريقيا
بهذا النجاح، يثبت المغرب أنه قادر على تغيير خريطة الطب في القارة، ليس فقط من خلال امتلاك التكنولوجيا والمهارة، بل عبر الإصرار على أن الأمل يمكن أن يتحول إلى واقع، وأن حياة طبيعية يمكن أن تعود حتى بعد سنوات من المرض والمعاناة.