سوق الأحد بأكادير.. حين يتحول المرفق البلدي إلى مجال للسمسرة والريع التجاري
يُعتبر سوق الأحد بأكادير من أكبر وأقدم الأسواق الشعبية في المغرب، ورمزًا للحركة الاقتصادية والتجارية بالمدينة، حيث يشكل فضاءً يوميًا لآلاف الزوار والمهنيين. غير أن ما كان يفترض أن يكون نموذجًا للتدبير البلدي الحديث، تحوّل في السنوات الأخيرة إلى بؤرة للريع والسمسرة، حسب شهادات عدد من المهنيين والتجار.
🔴 كراء رمزي وسمسرة بالملايين
وفق المعطيات المتداولة داخل السوق، تقوم البلدية بتأجير المحلات التجارية بأسعار منخفضة جدًا تتراوح بين 700 و1200 درهم شهريًا، في حين أن الواقع الميداني يكشف مفارقة كبيرة، إذ يعمد بعض المستفيدين من هذه المحلات إلى إعادة كرائها للغير بمبالغ تتراوح بين 4000 و9000 درهم شهريًا، حسب مساحة المحل وموقعه داخل السوق.
الأدهى من ذلك – وفق نفس المصادر – أن بعض الأشخاص يستحوذون على أكثر من عشرة محلات، ثم يقومون ببيع مفاتيحها (ما يُعرف بـ“الساروت”) بمبالغ خيالية تصل إلى 90 مليون سنتيم، بل وُثِّقَت حالات بيعت فيها مفاتيح محلات بما يفوق 200 مليون سنتيم، رغم أن المحل في الأصل مِلكٌ بلدي عام.
⚫ متأخرات ضخمة وتراكم الديون
ورغم الأرباح الكبيرة التي يحققها بعض هؤلاء المستفيدين من عملية إعادة الكراء أو البيع غير القانوني، تفيد مصادر مطلعة أن نسبة مهمة منهم لم تؤدِّ واجبات الكراء للبلدية لمدة تصل إلى ثلاث سنوات متتالية، مما يُكبّد الجماعة خسائر مالية مهمة ويحرمها من موارد يمكن استثمارها في تطوير المرافق العمومية أو تحسين الخدمات.
المحاباة في الاستفادة
كما تُثار تساؤلات عديدة حول طرق منح المحلات التجارية داخل السوق، حيث يتحدث بعض التجار عن وجود “محسوبية” و“علاقات شخصية” تتحكم في عملية توزيع المحلات، ما يجعل الحصول على محل تجاري من البلدية أمرًا شبه مستحيل لمن لا يملك “الظهر” أو “الوساطة”.
وأكثر ما يثير الاستغراب أن نسبةً كبيرة من المستفيدين – حسب نفس الشهادات – ليست من أبناء المدينة، بل من خارج أكادير، ما يعمّق الإحساس بالغبن لدى أبناء المنطقة الذين يُفترض أن يكون لهم الأَولويّة في الاستفادة من المرافق المحلية.
🟠 نداء بفتح تحقيق ومراجعة العقود
في ظل هذه الاختلالات، يطالب عدد من الفاعلين الجمعويين والمهنيين بضرورة فتح تحقيق إداري ومالي شفاف حول طريقة تدبير محلات سوق الأحد، ومراجعة عقود الكراء التي تحوّل بعض المستفيدين إلى “وسطاء أثرياء”، فيما تبقى المدينة محرومة من مداخيلها الحقيقية.
كما يدعون إلى إعادة النظر في منظومة التسيير الجماعي، من خلال رقمنة عمليات الكراء والمراقبة الدورية، لضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، مع حصر الاستفادة في التجار الفعليين، لا في الوسطاء والسماسرة.
🟢 بين الريع والعدالة التجارية
يبقى سوق الأحد بأكادير عنوانًا مزدوجًا: فهو واجهة اقتصادية نابضة بالحياة من جهة، لكنه أيضًا نموذج صارخ لاختلالات التدبير المحلي حين يختلط المال بالمصالح الضيقة. فإصلاحه ليس فقط مسألة تنظيم تجاري، بل قضية عدالة اقتصادية واسترجاع لهيبة المرفق العمومي الذي أُنشئ لخدمة المواطنين لا لإغنائهم على حسابه.




