المراكز_الصاعدة… رهان التنمية في ظل الرؤية الملكية المتبصرة السامية
تجسد العناية الملكية السامية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده للمراكز الصاعدة، رؤية استراتيجية متبصرة تهدف إلى تحقيق تنمية متوازنة وشاملة في مختلف جهات المملكة، بما يعكس عمق التوجه الملكي نحو عدالة مجالية مستدامة تُنصف جميع مناطق البلاد، حضرية كانت أو قروية.
فمنذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، حرص جلالته على جعل التنمية المندمجة ركيزة أساسية للنموذج التنموي المغربي الجديد، من خلال إطلاق مشاريع كبرى مهيكلة تمسّ حياة المواطن اليومية، وتؤسس لمغرب متوازن ومتضامن بين مراكزه الكبرى ومراكزه الصاعدة.
المراكز الصاعدة.. دينامية جديدة للنسيج الترابي المغربي
تعتبر المراكز الصاعدة اليوم رافعة أساسية للتنمية الترابية، وفضاءات واعدة لتوطين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقد جاءت المبادرات الملكية الأخيرة لتؤكد هذا التوجه، عبر دعم المدن المتوسطة وتأهيلها ببنيات تحتية عصرية، وتوفير فرص الشغل للشباب، وتشجيع الاستثمار المحلي والجهوي.
إن هذه المراكز —التي تتوزع عبر جهات المملكة من الشمال إلى الجنوب— تشكل اليوم جسور توازن بين المدن الكبرى والعالم القروي، بما يسهم في الحد من الهجرة نحو الحواضر، ويعزز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي داخل كل جهة.
رؤية ملكية متبصرة.. وعدالة مجالية في صلب النموذج التنموي
في خطبه السامية، شدد جلالة الملك مرارًا على ضرورة جعل العدالة المجالية والإنصاف الاجتماعي حجر الزاوية في كل سياسات الدولة، معتبرًا أن “التنمية لا يمكن أن تكون شاملة ما لم تشمل جميع أبناء الوطن في كل جهاته”.
وتترجم هذه الرؤية في مشاريع مهيكلة مثل:
- برنامج تأهيل المدن المتوسطة والمراكز الحضرية الصاعدة،
- مشروع الجهوية المتقدمة الذي يمنح الجهات صلاحيات موسعة،
- وسياسات اللامركزية الإدارية لتقريب القرار التنموي من المواطن.
هذه المقاربة الشمولية تجعل من المراكز الصاعدة قاطرات للنمو المحلي، ومجالات لتفعيل النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع.
من العدالة المجالية إلى التنمية المندمجة
لقد أصبحت العدالة المجالية مفهومًا عمليًا بفضل الإرادة الملكية الصادقة، من خلال مشاريع تراعي خصوصية كل جهة ومؤهلاتها، سواء الفلاحية أو الصناعية أو السياحية.
فمدن مثل تارودانت، خنيفرة، زاكورة، تاونات، وبويزكارن وغيرها، باتت تشهد اليوم دينامية جديدة بفضل برامج التأهيل الحضري والبنية التحتية والاهتمام برأس المال البشري.
وهكذا، تتكرس في عهد جلالة الملك محمد السادس مقاربة تنموية إنسانية تضع المواطن في قلب السياسات العمومية، وتجعل من كل مركز صاعد لبنة في بناء مغرب متوازن ومتماسك.
سوس ماسة.. نموذج جهوي للمراكز الصاعدة
في جهة سوس ماسة، تتجلى الرؤية الملكية بوضوح من خلال بروز عدد من المراكز الحضرية الصاعدة التي تحولت إلى فضاءات دينامية للتنمية المحلية، مثل أورير، التامري، الدراركة، أولاد تايمة، بيوكرى، وتيكيوين.
هذه المراكز أصبحت اليوم قواعد جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي بفضل مشاريع التأهيل الحضري، وتثمين الأنشطة الفلاحية والسياحية، وتشجيع المقاولة المحلية.
كما أن الربط الجيد بالبنيات التحتية —من طرق، ومناطق صناعية، ومؤسسات جامعية— جعل من سوس ماسة جهة رائدة في تنزيل مفهوم المراكز الصاعدة التي تترجم الرؤية الملكية على أرض الواقع.
خاتمة واستشراف
إن المراكز الصاعدة ليست مجرد وحدات ترابية جديدة، بل هي رموز لرؤية ملكية طموحة ترمي إلى تحويل كل منطقة مغربية إلى فضاء منتج للحياة، للفرص، وللكرامة.
إنها رهان ملكي استراتيجي يروم بناء مغرب المستقبل: مغرب العدالة، والإنصاف، والتنمية المستدامة.
وقد عبّر جلالة الملك محمد السادس نصره الله عن جوهر هذه الرؤية في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية لخريف 2020 حين قال:
“إن التحدي الأكبر الذي يواجه بلادنا ليس في صياغة خطط التنمية، بل في ترجمتها على أرض الواقع، بما يضمن العدالة بين الجهات، ويحقق التنمية المتوازنة والمنصفة لكل المواطنين.”
كلمات ملكية سامية تختصر فلسفة المشروع التنموي المغربي الجديد، وتجعل من المراكز الصاعدة أحد أبرز مفاتيحه لتحقيق مغرب متكافئ، مزدهر، ومتجذر في قيمه الإنسانية والوطنية.




