Uncategorized

المغرب ينتقل من المبادرة إلى التنفيذ: الحكم الذاتي يتحول من فكرة سياسية إلى مشروع تنموي ميداني


في ظل التحولات الجيوسياسية التي يعرفها العالم، يواصل المغرب ترسيخ حضوره الإقليمي والدولي من خلال مقاربة متجددة لملف الصحراء المغربية، مقاربة ترتكز على العمل الميداني والتنفيذ الواقعي بدل الاكتفاء بالخطابات أو المبادرات النظرية. فبعد سنوات من تقديم مقترح الحكم الذاتي كحل عادل وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء، انتقل المغرب اليوم إلى مرحلة جديدة عنوانها الكبير: من المبادرة إلى الإنجاز.

🔹 من الرؤية السياسية إلى الفعل التنموي

لقد أثبتت التجربة أن المغرب لم يقدّم مبادرة الحكم الذاتي لمجرد تسجيل موقف سياسي، بل جعل منها خارطة طريق استراتيجية لبناء نموذج تنموي متكامل في أقاليمه الجنوبية.
فالمشاريع الكبرى التي تشهدها مدن العيون، الداخلة، السمارة وبوجدور ليست مجرد استثمارات ظرفية، بل هي أدوات سياسية ذكية تعطي للمبادرة المغربية مضمونها الواقعي والعملي.

الاستثمارات في مجالات البنية التحتية، الطاقات المتجددة، الصيد البحري، اللوجستيك، والتعليم العالي، تؤكد أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحويل مناطقه الجنوبية إلى قطب اقتصادي إفريقي متكامل.
وفي هذا الإطار، تندرج مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرًا بمدينة السمارة بين مركز الاستثمار الجهوي للعيون الساقية الحمراء والغرفتين الفرنسية والإفريقية للتجارة، لإنجاز دراسة جدوى حول إنشاء قطب لوجستي وتجاري حديث، كترجمة عملية للرؤية الملكية الهادفة إلى جعل الصحراء بوابة اقتصادية نحو عمق القارة الإفريقية.

🔹 الواقعية السياسية أساس قوة الموقف المغربي

إن جوهر القوة في الموقف المغربي لا يكمن فقط في صوابية مبادرته السياسية، بل في واقعيته وقدرته على التجسيد. فالعالم اليوم لم يعد يقتنع بالشعارات، بل بالنتائج القابلة للقياس والملاحظة.
المغرب، من خلال هذا التحول، يبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الحكم الذاتي ليس ورقة تفاوضية بل مشروع دولة، وأن تنمية الصحراء ليست وعدًا انتخابيًا بل التزامًا وطنيًا طويل المدى.

هذا المسار التنموي المندمج جعل العديد من الدول والمؤسسات الدولية تتعامل مع الأقاليم الجنوبية كمناطق استقرار وفرص استثمار، لا كمناطق نزاع، وهو ما يعزز المشروعية الميدانية لمغربية الصحراء.

🔹 المبادرة المغربية… من مقترح تفاوضي إلى إطار سيادي

حين قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، كان يهدف إلى طي صفحة النزاع المفتعل عبر حل سياسي متوافق عليه. واليوم، بعد مرور ما يقارب عقدين من الزمن، يتضح أن هذه المبادرة تجاوزت طابعها التفاوضي لتتحول إلى إطار سيادي فعلي يعبر عن إرادة الدولة والمجتمع في بناء نموذج جهوية متقدمة يحقق التنمية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل جهات المملكة .

المبادرة المغربية أصبحت اليوم محط إجماع متزايد، إذ تجاوز عدد الدول الداعمة لها أكثر من 90 دولة، إضافة إلى فتح عشرات القنصليات العامة في مدينتي العيون والداخلة، وهو ما يُعد اعترافًا صريحًا بواقع السيادة المغربية على أرضه.

🔹 نحو مرحلة “السيادة الداخلية”

بعد أن حسم المغرب معركة السيادة الترابية، تتجه الدولة اليوم نحو ترسيخ السيادة الداخلية عبر سيادة القانون والتنمية الشاملة.
فالمعركة القادمة – كما يؤكد العديد من المراقبين – ليست على الحدود، بل داخل المؤسسات والمجالات الاقتصادية، حيث تسعى الدولة إلى تجفيف منابع الريع والفساد وتوطيد نموذج حكم جهوي فعّال يقوم على الكفاءة والمحاسبة والنتائج لا على التوقعات و الخطط المرسومة على الورق .

🔹 منطق القوة الهادئة

إن ما يميز المقاربة المغربية اليوم هو منطق القوة الهادئة: لا ضجيج إعلامي ولا مواجهات عقيمة، بل عمل متواصل ومشاريع بنيوية و في شتى المجالات.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button